الصرع لدى الأطفال

يمكن أن يشفى الصرع عند الأطفال من تلقاء نفسه، وفي معظم الحالات يمكن موازنته بالأدوية. من المهم أن تتذكر أنه ليس كل تشنج عند الطفل يشير بالضرورة إلى الإصابة بالصرع.

يعاني حاليًا حوالي 15000 طفل ومراهق في إسرائيل من الصرع، ومعظمهم (حوالي 75٪) يستجيبون جيدًا للعلاج الدوائي، ويتحكمون في نوباتهم بشكل كامل أو معقول ويعيشون حياة طبيعية. كذلك، هناك بعض أشكال الصرع التي ترتبط فقط بمرحلة الطفولة، وتختفي من تلقاء نفسها مع تقدم الطفل في السن. قد يظهر المرض بالفعل في الأشهر الأولى من العمر بسبب الشلل الدماغي، أو تلف في الدماغ عند الولادة، أو إصابة في أنسجة المخ، أو تشوه خلقي في الدماغ، أو أمراض وراثية وأيضية.

من المهم أن نعرف أنه ليس كل تشنج عند الطفل يعني بالضرورة إصابته بالصرع. هناك العديد من الحالات التي قد تحدث فيها النوبات دون أن يصاب الطفل بالصرع. المثال الأكثر شيوعًا هو التشنجات الحموية والتي تحدث لدى الرضع والأطفال الصغار، وفي الغالبية العظمى من الحالات تمر دون تطور المرض. بالإضافة إلى ذلك، في أحيان عديدة تحدث التشنجات بسبب أي إصابة مؤقتة في الدماغ مثل الكدمات وحتى أثناء التهابات الدماغ، دون حدوث الصرع.

العديد من النوبات هي حالات قصيرة لن تستمر حتى مرحلة البلوغ. تشفى بعض النوبات مع تقدم الأطفال في السن، ولكن من الصعب معرفة إن كانت ستختفي إلى الأبد.

يتم تشخيص الصرع عند الأطفال من قبل أخصائي في هذا المجال، والذي سيستمع إلى وصف النوبات، ويفحص الطفل، وعند الضرورة سيجري فحوصات EEG و MRI. ليس من الممكن دائمًا تحديد وجود المرض أو السيطرة عليه تمامًا بناءً على النوبة الأولى. في بعض الأحيان، تكون المتابعة الطبية وحتى تكرار بعض الفحوصات ضرورية لتأكيد المرض أو استبعاده.

إذا تم تشخيص الإصابة بالمرض، فهناك علاج دوائي فعال وآمن يساعد في السيطرة الكاملة أو المعقولة على التشنجات لدى حوالي 75٪ من المرضى. سيقرر الطبيب نوع الدواء اعتمادًا على نوع نوبة الطفل وعمره والآثار الجانبية وسهولة الاستخدام.
يمكن مساعدة الأطفال المصابين بالصرع المقاوم للأدوية من خلال العلاجات الأخرى، مثل اتباع حمية كيتونية، أو زرع منظم لتحفيز العصب المبهم، أو العلاجات الجراحية الأخرى.

لسوء الحظ، على الرغم من جميع خيارات العلاج المتاحة، لا تزال هناك حالات يكون فيها المرض شديدًا جدًا ولا يمكن السيطرة عليه. وهي حالات من الصرع نادرة لدى عند الأطفال.

قضايا التعلم / الدراسة الأكاديمية

على الرغم من أن القدرة الذهنية العامة لدى الأطفال المصابين بالصرع مماثلة لتلك لدى الأطفال العاديين 7، إلا أنهم أكثر عرضة لمشاكل التعلم والمشكلات الأكاديمية حتى لدى الأشخاص منهم ذوي الذكاء الطبيعي، هناك تقارير عديدة عن تقصير في مجالات محددة تتعلق بالتفكير المشترك وقدرات التعلم، وخاصة في مجالات الانتباه والتركيز والذاكرة والمهارات التنظيمية والإنجازات الدراسية 9. في الواقع، لا يتناسب العديد من الأطفال مع تعريف المدرسة لصعوبات التعلم، حيث قد تتطور لديهم مهارات القراءة والتهجئة والرياضيات بشكل كافٍ. ومع ذلك، تكون لديهم تحديات تعليمية كبيرة بسبب نقاط الضعف الخاصة الموضحة أعلاه.

في حين أن بعض الأطفال المصابين بالصرع يعانون من مشاكل تعلم عالمية (تأخر في النمو) ناجمة عن اضطرابات دماغية شاملة، فإن هؤلاء الأطفال في كثير من الأحيان يعانون من مجموعة متنوعة من مشاكل التعلم المحددة التي يمكن أن تُعزى إلى تشوهات الدماغ البؤرية. على سبيل المثال، قد يعاني الأطفال الذين يعانون من تندب في الجزء الأوسط من الفص الصدغي (التصلب المتعدد الأوليفاري) من مشاكل في الذاكرة قصيرة المدى أو مشاكل بصرية أو سمعية. هناك عوامل أخرى مثل النوبات والاكتئاب والتعب قد تساهم أيضًا في ظهور مشاكل تعلم عابرة. على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي النوبات والتعب أو الارتباك بعد النوبة إلى تعطيل التعلم لدقائق أو ساعات. على الرغم من أنه من المعروف جيدًا أن النوبات نفسها تعيق التعلم، إلا أن هناك دليلًا على أن الإفرازات الصرعية التي تحدث في الدماغ بين النوبات (النشاط بين النشبات) قد تؤدي أيضًا إلى تعطيل التعلم. يشار إلى هذا على أنه ضعف إدراكي عابر (TCI)11. أخيرًا، في دراسات أجريت على مجموعة من الأطفال الذين يعانون من الصرع الذي لا يخضع للتحكم الجيد، غالبًا ما يشير الأطفال أنفسهم إلى الإرهاق باعتباره عاملاً مهمًا يقلل من استعدادهم للالتحاق بالمدرسة. من المحتمل أن هذه الاضطرابات العابرة في التعلم هي التي تجعل الأهل والمعلمين يبلغون بأن الأداء الأكاديمي لهؤلاء الأطفال غالبًا ما يختلف من يوم لآخر. تعتبر استراتيجيات التدريس والتعلم التي تأخذ في الاعتبار خصائص التعلم المتغيرة لهؤلاء الأطفال، مثل البرامج المكثفة التي تستخدم تقنيات التدريس المتكررة، ضرورية لنجاح الطفل أكاديمياً.

القضايا العاطفية والسلوكية

الصعوبات العاطفية والسلوكية هي أيضاً مرتفعة بشكل غير متناسب لدى الأطفال المصابين بالصرع. على سبيل المثال، تم تحديد اضطرابات نفسية لدى 34.6٪ من الأطفال الذين يعانون من نوبات مقارنة بـ 6.6٪ لدى بقية فئات المجتمع و 11.6٪ بين الأطفال المصابين بأمراض مزمنة أخرى. تتضمن بعض الصعوبات العاطفية والسلوكية الأكثر شيوعًا لدى هؤلاء الأطفال القلق المتزايد والاكتئاب والهيجان وفرط النشاط والعدوانية، وفي بعض الحالات، نوبات غضب غير منطقية. في دراسة حديثة 3 لسلوك الأطفال في الأشهر الستة التي سبقت النوبة الأولى المعروفة، كان لدى 24.6 ٪ من الأطفال اضطرابات سلوك أعلى من المتوقع (خاصة صعوبات الانتباه). تشير هذه النتيجة إلى أن الصرع هو اضطراب أكثر تعقيدًا قد يتجلى في الاضطرابات السلوكية إضافة إلى النوبات.

لدى نسبة صغيرة من هؤلاء الأطفال، قد تظهر العدوانية اللفظية أو السلوكية بشكل عفوي مع الحد الأدنى من الاستفزاز أو بدونه. هناك نقص في الأبحاث التي تفحص العدوانية العفوية المتقطعة لدى الأطفال المصابين بالصرع، والآليات الكامنة وراء العدوانية لدى هؤلاء الأطفال ليست مفهومة جيدًا. اقترح Aicardi 13 آلية سببية واحدة للاضطرابات السلوكية من خلال أن الإفرازات

الصرعية في الدماغ قد تؤدي إلى اضطراب في وظائف الدماغ، مما يؤثر على السلوك. يقترح مؤلفو مقال آخر 14 أن العدائية السلوكية قد تكون نتيجة لوجود بعض المناطق غير الطبيعية في الدماغ والتي تنتج نشاطًا صرعياً أو التي يمكن أن تتفاقم بسبب تأثيرات الأدوية المضادة للصرع.

يصف العديد من الآباء في محيطنا مجموعة متنوعة من السيناريوهات التي لاحظوا فيها تغيرات في مزاج أطفالهم مصحوبة بزيادة العدوانية. الشكوى الأكثر شيوعًا هي أن إدخال بعض الأدوية المضادة للصرع أو تناول جرعات عالية منها يتزامن مع تغيرات سلوكية تشمل الهيجان والعدوانية اللفظية أو الجسدية. على سبيل المثال، قد يتمثل هذا على شكل طفل صغير يؤذي الأطفال الآخرين. إذا كانت الآثار الجانبية السلوكية غير محتملة، فقد يكون من الضروري تقليل أو إيقاف الأدوية المضادة للصرع. ثانيًا، غالبًا ما تنذر التغييرات السلوكية مثل زيادة الهيجان والعدوانية اللفظية أو الجسدية باقتراب النوبة. يمكن أن تحدث هذه التغييرات السلوكية قبل النوبة بدقائق إلى أيام. خلال هذه الفترة ، قد تؤدي بعض المحفزات (المنبهات) إلى تحفيز الطفل بشكل أكبر، مما يؤدي إلى زيادة في الإحباط أو العدوانية. لذلك، قد يكون من الحكمة تقليل التحفيز المفرط داخل المدرسة خلال هذه الفترة، على سبيل المثال تقليل العبء الأكاديمي. يتضمن السيناريو الثالث مجموعة أصغر من الأطفال الذين يعانون من نوبات مفاجئة من العدوانية اللفظية أو الجسدية. يشكل هؤلاء الأطفال تحديات خاصة للأسرة والمدرسة والأخصائيين الطبيين.

عادة، قد تظهر نوبة السلوك العدواني نتيجة استفزاز بسيط أو دون استفزاز وقد تستمر لبعض الوقت. تشير ملاحظاتنا السريرية وكذلك الحوارات مع الأطفال والآباء والمعلمين إلى مسار للعدوانية اللفظية أو الجسدية العرضية. يبدو أن الطفل يرى بأن موقفًا معينًا مؤذي بالنسبة له. على سبيل المثال، قد يكون لدى بعض الأطفال المصابين بالصرع سمع حساس للغاية. قد تؤدي الضوضاء العالية أو تكرار الضوضاء في الفصل الدراسي إلى حدوث سلوك متفجر. بمجرد أن يثير المحفز شعور الغضب، يصعب على هؤلاء الأطفال “الضغط على المكابح”. ليس لأنهم “لا” يتحكمون في عدوانيتهم ، لكن الأطفال أخبروا بأنهم “لا يستطيعون” السيطرة على نوباتهم العدوانية. يفيد الآباء أن الأطفال غالبًا ما يشعرون بالندم بعد نوبة غضب عنيفة. وغالبًا ما يلومون أنفسهم بقولهم “أنا شخص سيء” على سبيل المثال. يمكن للتدخلات التي تركز على إزالة المثير / المحفز بشكل فوري، أو إخراج الطفل من الحالة المحفزة، أحيانًا أن تبدد غضبه وانفجاراته. تؤكد تجربتنا أن هؤلاء الأطفال لا يستجيبون لاستراتيجيات إدارة السلوك القياسية أو ضبط النفس بمفردهم. بدلاً من ذلك، يمكن وضع مجموعة من الاستراتيجيات، بما في ذلك التقييم والمتابعة من قبل الطب النفسي، والتدخلات مثل إعطاء الأدوية النفسية و/ أو العلاج السلوكي المكثف.

القضايا الاجتماعية

تعد المشاركة في الأنشطة الرياضية والمشاركة الاجتماعية مع الأقران أمرًا مهمًا بشكل خاص أثناء الطفولة. ومع ذلك، من حواراتنا مع أسر الأطفال المصابين بالصرع، كثيرًا ما نسمع أن النوبات والمشاكل الثانوية التي تصاحبها غالبًا ما تعيق الأطفال من المشاركة الكاملة في التجارب التعليمية والترفيهية والاجتماعية. قد يؤدي الاهتمام الزائد بسلامة الطفل إلى الحد من مشاركته في الأنشطة العادية في المدرسة، والتي يعتبرها معظم الأطفال أمرًا مفروغًا منه. وهذا يزيد من إحساس الطفل بالعزلة الاجتماعية. تؤدي هذه العزلة عن تجارب التعلم الاجتماعي الهامة إلى تعزيز مفهوم الذات السلبي، وإقناع الطفل بأنه “غير طبيعي” في وقت من حياته يكون “الطبيعي” وليس “المختلف” أمرًا ذا قيمة عالية. من المهم أن يقدم الوالدان دعمًا إضافيًا في المدرسة لتسهيل مشاركة الطفل في الأنشطة المدرسية (مثل ساحات اللعب والصالة الرياضية) والتي تسمح بالتفاعل مع الأطفال

الآخرين. تعد المشاركة في الأنشطة المدرسية مهمة للغاية لتعزيز الشعور بالرفاهية العاطفية وكذلك تعزيز التنمية الاجتماعية والجسدية.

من وجهة نظر عملية، فإن وصمة العار المرتبطة بالصرع، وعدم التفهم من الآخرين، هي أيضًا عوامل ضغط تؤثر على الاستجابات السلوكية العاطفية والتكيفية لدى هؤلاء الأطفال. تؤكد تجربتنا أن العديد من الأطفال الذين نتعامل معهم لم يتم تضمينهم في النشاط مع بقية طلاب الفصل؛ ويتعرضون للمضايقة والتنمر ؛ وأحيانًا يتم فصلهم من المدرسة بسبب مشاكل سلوكية. تعمل هذه العوامل على تقوية نظرة الطفل السلبية إلى نفسه وإبعاد الطفل عن التجارب الاجتماعية والعاطفية الطبيعية التي تعزز احترام الذات والتطور الاجتماعي الطبيعي.

דילוג לתוכן